فلسطينيون يتجمعون في بيت لاهيا بشمال غزة للحصول على مساعدات غذائية بينما تبدو آثار الدمار الناجم عن الغارات الإسلارائيلية على القطاع. 24 أبريل 2025 - REUTERS
عشتارتيفي كوم- الشرق/
وافق مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي، الاثنين، على توسيع الحرب على غزة، تدريجياً، وخطة جديدة لتوزيع المساعدات، فيما أبدت الأمم المتحدة اعتراضها على خطة توزيع المساعدات التي طرحتها تل أبيب، باعتبارها "تخالف المبادئ الإنسانية الأساسية".
وقال مسؤول إسرائيلي في تصريحات لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، إن مجلس الوزراء الأمني "وافق بالإجماع على خطة توسيع الهجوم العسكري في قطاع غزة"، موضحاً أن الخطتين (توسيع الحرب وتوزيع المساعدات) "لن تنفذا على الفور".
وأضاف: "من المتوقع ألا تُنفذ هذه الخطة، إلا بعد زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لمنطقة الشرق الأوسط في مايو الجاري، وحتى ذلك الحين، ستُبذل جهود للتوصل إلى اتفاق مع حركة حماس بشأن وقف إطلاق النار واتفاق تبادل الأسرى".
وأردف المسؤول أن مجلس الوزراء الأمني "وافق على خطة لتجديد إيصال المساعدات إلى غزة مع إصلاح آلية العمل للحد من تحويل حماس للسلع لصالح عناصرها".
وتتضمن الخطة، تحول الجيش الإسرائيلي من توزيع المساعدات بالجملة وتخزينها، إلى الاعتماد على المنظمات الدولية وشركات الأمن الخاصة لتوزيع صناديق الطعام على عائلات غزة.
ووفق مسؤولين إسرائيليين، فإن الجيش الإسرائيلي لن يشارك بشكل مباشر في توزيع المساعدات، ولكن ستُكلَّف القوات بتوفير طبقة خارجية من الأمن للمقاولين الخاصين والمنظمات الدولية التي تُوزِّع المساعدات، حيث تعتقد إسرائيل أن هذه الطريقة "ستصعِّب على حماس تحويل المساعدات إلى عناصرها".
وأوقفت إسرائيل دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، منذ أوائل مارس الماضي، ما فاقم الظروف الإنسانية المروعة للفلسطينيين في القطاع.
الأمم المتحدة: خطة تخالف المبادئ الإنسانية
في المقابل، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، الأحد، إن إسرائيل تسعى لإجبار منظمات الإغاثة في قطاع غزة على إيصال المساعدات عبر مراكز توزيع خاضعة للإشراف الإسرائيلي، في حال وافقت الحكومة على إعادة فتح المعابر.
وقال المكتب الأممي في بيان، الأحد، "لأكثر من 9 أسابيع، منعت السلطات الإسرائيلية دخول أي إمدادات إلى قطاع غزة، بغض النظر عن مدى ضرورتها لبقاء الناس على قيد الحياة".
وأضاف:"سعت السلطات الإسرائيلية إلى تفكيك نظام توزيع المساعدات القائم حالياً الذي تديره الأمم المتحدة وشركاؤها في العمل الإنساني، وتريد منا القبول بتسليم الإمدادات من خلال مراكز توزيع خاضعة للإشراف الإسرائيلي، ووفقاً لشروط يضعها الجيش الإسرائيلي، في حال وافقت الحكومة على إعادة فتح المعابر".
وتابع أن "الخطة التي طرحتها إسرائيل تعني أن أجزاء واسعة من قطاع غزة، بما في ذلك الأشخاص الأقل قدرة على التنقل، سيظلون محرومين من الإمدادات".
وتابع المكتب الأممي: "تخالف هذه الخطة المبادئ الإنسانية الأساسية، ويبدو أنها تهدف إلى استخدام السيطرة على المواد الحيوية كأداة ضغط عسكرية، إنها خطة خطيرة تدفع المدنيين إلى مناطق عسكرية للحصول على الغذاء، مما يعرض حياتهم للخطر، وتُسهم في ترسيخ التهجير القسري".
وذكر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، أن "الأمين العام للأمم المتحدة، ومنسق الإغاثة الطارئة أكدا عدم مشاركتهما في أي مخطط لا تلتزم بمبادئ الاستقلالية والحياد".
وحث المكتب الأممي قادة العالم على استخدام نفوذهم لرفع الحصار الخانق عن قطاع غزة وإدخال المساعدات، وأضاف:"ما زالت فرقنا على الأرض في غزة، جاهزة لتوسيع نطاق تسليم الإمدادات والخدمات الحيوية من جديد، نملك مخزوناً كبيراً من المواد الجاهزة للدخول فور رفع الحصار".
عمليات نهب
وحذرت منظمات إغاثية من تصاعد عمليات نهب للمساعدات في غزة جرّاء الحصار الإسرائيلي على القطاع، الذي دام أكثر من شهرين، بحسب وكالة "أسوشيتد برس".
ونقلت الوكالة عن مصادر محلية وعاملين في مجال الإغاثة قولهم، إن "جماعات مسلحة وأشخاصاً آخرين نهبوا مستودعات إمدادات في شمال غزة".
وذكرت "أسوشيتد برس" أنها اطلعت على رسائل متداولة بين مسؤولين أمنيين لدى منظمات الإغاثة، بالإضافة إلى شهادات من شهود عيان ومنظمات في غزة، تفيد بأن عمليات النهب بدأت، الأربعاء، من قبل أشخاص مجهولين، بعضهم مسلحون وآخرون غير مسلحين.
وأوضحت أن هؤلاء الأشخاص اقتحموا مستودعات تابعة للأمم المتحدة ومنظمات إغاثة، بالإضافة إلى مستودعات تجارية، ومخابز، ومتاجر ومحال.
ومنعت إسرائيل دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة منذ مطلع مارس الماضي، قبل إعلان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو رفضه استكمال اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، ما دفع أكثر من مليوني نسمة إلى ما يُعتقد أنه أسوأ أزمة إنسانية منذ نحو 19 شهراً من الحرب.
تفاصيل خطة إسرائيل لتوزيع المساعدات
وتسعى إسرائيل إلى فرض سيطرة مشددة على توزيع المساعدات الإنسانية داخل قطاع غزة، وتقييد العملية بشدة، عبر خطة تقترح التنفيذ عبر "مراكز توزيع" بالتعاون مع شركات أمنية أميركية خاصة، في خطوة تعد شرطاً لرفع حصارها المستمر منذ شهرين على القطاع.
وقدّم مسؤولون عسكريون إسرائيلييون، ما وصفوه بـ "مقترح غير قابل للتفاوض" إلى كبار ممثلي الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية في تل أبيب، الجمعة، فيما بدا أنه "محاولة لإقناع تلك الجهات".
وبموجب الخطة، ستسمح إسرائيل بدخول نحو 60 شاحنة محملة بالمواد الغذائية الأساسية والمستلزمات المنزلية إلى غزة يومياً، وهو ما يمثل عُشر الكمية التي كانت تدخل القطاع خلال فترة وقف إطلاق النار التي استمرت 6 أسابيع وانتهت في أوائل مارس الماضي.
وستقتصر الخطة في البداية على توزيع المساعدات في 6 مراكز في جنوب القطاع المكتظ بالسكان، والذي دمره القصف الإسرائيلي خلال أكثر من 18 شهراً من الحرب، وفي حال نجاح هذا النموذج، فقد يتم توسيعه ليشمل شمال ووسط غزة.
وسيخدم كل مركز ما بين 5-6 آلاف أسرة، وسيتسلم ممثلو هذه الأسر طرداً يزن 44 رطلاً (حوالي 20 كيلوجراماً) من المواد الغذائية ومستلزمات النظافة كل أسبوعين، بحسب أحد العاملين في منظمات الإغاثة الدولية، فيما أفاد شخص آخر مطلع على الخطة بأنه سيتم تسليم المساعدات أسبوعياً، وسيتم استخدام تقنية التعرف على الوجوه لتحديد هوية المستفيدين، بينما سيستمر توزيع الوقود والمياه وفق النظام السابق.
وقال رئيس إحدى المنظمات الدولية العاملة في غزة، في تصريحات لـ"واشنطن بوست": "إنها مزحة، إدخال 60 شاحنة يومياً فقط هو مجرد تكتيك من جانب إسرائيل لتخفيف الضغط الدولي، وليس جهداً حقيقياً لمعالجة الأزمة الإنسانية في غزة".
وقال مايكل ميلشتاين، المستشار السابق للشؤون الفلسطينية في الجيش الإسرائيلي، إن "الهدف الأساسي هو احتلال غزة بأكملها لإنشاء إدارة مدنية أو نظام عسكري فيها، وتوزيع المساعدات يمثل الخطوة الأولى نحو هذا المسار".
لكن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، أبلغ مجلس الوزراء الأمني، أن الجيش "غير مستعد أو راغب" في تحمل هذه المسؤولية، حسبما أفاد ميلشتاين، وذلك بسبب مخاوف من توسع نطاق المهمة، والضغط على قوات الجيش المنهكة بالفعل.