مقدّمة
:" فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ، وَالْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاسِ، وَالنُّورُ يُضِيءُ فِي الظُّلْمَةِ، وَالظُّلْمَةُ لَمْ تُدْرِكْهُ. كَانَ النُّورُ الْحَقِيقِيُّ الَّذِي يُنِيرُ كُلَّ إِنْسَانٍ آتِيًا إِلَى الْعَالَمِ." { يو 9 ، 5_4 :1 }.
الكثير من عامة الناس تتساءل عن حقيقة النور المقدّس في يوم السبت العظيم “سبت النور”، والذي في كل عام تحتفل الكنيسة الام الارثوذكسية " بفيض النور المقدس “انبثاق " النور المقدس من القبر الفارغ"، سنسرد هنا وباختصار شديد شهادات وحقائق تثبت لمن يشكّ بحقيقة النور، والكتاب الكامل الذي يشمل كل التفاصيل والمخطوطات متوفر في مكتبتنا.
النور
كان المصباح وعمود المصباح في غاية الأهمية لبني إسرائيل، 2 مل 10 :4:" فَلْنَعْمَلْ عُلِّيَّةً عَلَى الْحَائِطِ صَغِيرَةً وَنَضَعْ لَهُ هُنَاكَ سَرِيرًا وَخِوَانًا وَكُرْسِيًّا وَمَنَارَةً، حَتَّى إِذَا جَاءَ إِلَيْنَا يَمِيلُ إِلَيْهَا». נַעֲשֶׂה-נָּא עֲלִיַּת-קִיר קְטַנָּה וְנָשִׂים לוֹ שָׁם מִטָּה וְשֻׁלְחָן וְכִסֵּא וּמְנוֹרָה וְהָיָה בְּבֹאוֹ אֵלֵינוּ יָסוּר שָׁמָּה."وكجزء من العبادة العامّة وخاصّة السبعة سُرج للمنارة في خيمة الاجتماع والهيكل، خر 40 _ 31 :25 وعب 2 :9.
لسبب أهمية " الانوار "، مثلا لأهل البيت، لو 8 :15 يتضح لنا أهمية استخدام يسوع لمهمّة اتباعه في العالم، لان المصباح الذي على المنارة يضيء الظلام المحيط به، هكذا تأثير التلاميذ المنير على بيوتهم، مت 16 _15 :5 ومر 21 :4 ولو 16 :8 و33 :11.
يسوع يصف نفسه كالنور، يو 12 :8 و 5 :9، يشبّه يوحنا المعمدان سابق المسيح، بسراج موقد ومنير انارة خفيفة 35 :5 وبنفس الطريقة يقابل الشاهدين بمنارتين، رؤ 4 :11 وزك 14 _11 ،3: 4 وتُقابل الكنائس السبع بسبعة منارات ذهبية، رؤ 20، 13 _12 :1 و 1 :2 قارن 2 بط 19 :1 حيث تدعى الكلمة النبوية " سراج منير" الذي يتطلع الى مجد المسيح، وكما هو واضح في رؤ 5 :2 قارن عب 8 _4: 6.
تُحذّر بابل بانها عندما تغرق في الخراب بان:" وَنُورُ سِرَاجٍ لَنْ يُضِيءَ فِيكِ فِي مَا بَعْدُ. وَصَوْتُ عَرِيسٍ وَعَرُوسٍ لَنْ يُسْمَعَ فِيكِ فِي مَا بَعْدُ. لأَنَّ تُجَّارَكِ كَانُوا عُظَمَاءَ الأَرْضِ. إِذْ بِسِحْرِكِ ضَلَّتْ جَمِيعُ الأُمَمِ.." رؤ 23 :18 قارن 23 :21 و5 :22 ولو 35 :12.
سَبت النور
في اليهودية السبت الذي يسبق " الفصح يسمى السبت العظيم" {نشرنا مادة عن السبت العظيم باليهودية} والسبت الذي يسبق قيامة الرب هو " السبت العظيم سبت النور"، النور هو اعلان الحضور الإلهي لذا يفيض النور في يوم السبت قبل القيامة المجيدة.
هناك من يشكّ بهذه الحقيقة، ومن أشهر هؤلاء هم ثلاثة:
1 _ المؤرخ الإنجليزي ادوارد جيبون _ Edward Gibbon {1737 _ 1794}.
2 _ أدامانثيوس كورسيس، يوناني Adamantios Korais {1748 _ 1833}.
3 _ ميخائيل كالو بلوس، يوناني، Michael Kalopoulos .
من يتفذلك باستخدام " الفوسفور" الذي يشتعل من تلقاء نفسه بعد زمن ما " دقائق"، نقول ان اكتشاف الفوسفور الابيض هو مادة مصنّعة تم اكتشافها في القرن السابع عشر، سنة 1669 م، بواسطة العالم" هينيج بران _ Hennig B " أي بعد قرون من انبثاق النور المقدس.
يقول القديس أوغسطينوس:" أيها النور غير المنظور، أيها البهاء الذي لا يضاهيه بهاء آخر. انت هو النور الذي تختفي امامك كل الانوار المخلوقة. انت هو البهاء الذي لا ينطفئ قدامك كل بهاء خارجي، انت هو النور مصدر كل الانوار والبهاء ينبوع كل بهاء".
يقول يوحنا 35 :19 :" وَالَّذِي عَايَنَ شَهِدَ، وَشَهَادَتُهُ حَقٌ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ لِتُؤْمِنُوا أَنْتُمْ.".
نسرد باختصار شهادات لفيض النور المقدس، وهذه الشهادات من مسيحيين وغير مسيحيين، لئلا يتفذلك بعض الهراطقة ان الشهادات والوثائق للمسيحيين فقط.
اوغسطينوس:" ما هو النور الا انت يا إلهي، انت هو النور لأولاد النور، نهارك لا يعرف الغروب، نهارك يضيء لأولادك حتى لا يعثروا، اما الذين هم خارج عنك فانهم يسلكون في الظلام ويعيشون فيه، إذا فلنلتصق بك يا من أنت هو نور العالم، ما حاجتنا ان نجرّب كلّ يوم الابتعاد عنك؟ لان كل من يبتعد عنك أيها النور الحقيقي يتوغّل في ظلام الخطيّة، وإذ تحيط الظلمة به، لا يقدر ان يميّز الفخاخ المنصوبة له على طول الطريق".
الشهادات للنور
1 _ غريغوريوس الصانع العجائب:" اعرفك يا ربّ بوضوح. لأنّي رأيتك روحيًّا قبل ان أرى هذا النور".
2 _ القديس نركيسيوس {99 _ 216 م} :" اسقف اورشليم الثالث أقيم اسقفا لاورشليم عام 190 م. وذكر عنه القديس يوسابيوس القيصري في متابه " تاريخ الكنيسة".
3 _ غريغوريوس الأرمني {257 _ 331 م} ذكر معجزة النور المقدس في كتاب تاريخ الأرمن {History of the Armenians} من تأليف:" Kirakos Gandzaketsi 1200 _ 1271 م}.
4 _ القديس غريغوريوس النزينزي {329 _ 390 م} في موسوعة آباء الكنيسة تحقيق المؤرخ فيليب شاف.
5 _ الحاجة ايجيريا {Egeria} في كتابها:" رحلات ايجيريا للاماكن المقدسة" تقول:" في الساعة العاشرة التي يسمّونها هنا " خدمة الانوار" تضاء كل الشموع والقناديل ويصنع ضوء رائع، لكن الضوء لا يأتي من الخارج، لكن يتم احضاره من القبر الداخلي وترنم المزامير وتتلى الترانيم".
6 _ يوحنا الدمشقي 676 _ 749 م، عظة يوم السبت المقدس:" ان النور في قبر المسيح كان نفس النور نور الخالق غير المخلوق" وفي كتابة أخرى له بعنوان:" مديح الصلاة الكبرى" يصف انبثاق النور المقدس.
7 _ ثيوذوروس الرهاوي 776 _ 848 م.
8 _ أبو سهل عيسى المسيحي 972 _ 1010 م. وذكر اسمه وسيرته احمد بن الحسين بن علي بن موسى الخراساني البيهقي{ 994 _ 1066 م} الشهير في البيهقي في كتابه:" تاريخ حكماء الإسلام". يقول:" كيف اعدل في حكم المسيح والنار نازلة في كنيسة القيامة وتدل تلم النار، ان الليلة التي رُفع فيها عيسى الى السماء ليلة النصف من نيسان وفي هذه الليلة كل سنة تنزل نارا من الاثير بحيث يراها الناس، وتشتعل قناديل القيامة من غير ان تكون كوة ولا فرجة في سقف ذلك البيت، بل تغوص النار في السقف، ومن غير ان يًحرق الخشب، ثم توقد السّرج والمشاعل، فاذا طلع الفجر انطفأت".
9 _ سليمان الغزي القرن العاشر الميلادي. له عدة قصائد في ديوانه عن سبت النور والقيامة.
10 _ مخطوط من القرن الثاني عشر موجودة في بطريركية الروم الأرثوذكس _ اورشليم.
يقول القديس أوغسطينوس:" الله نور الانوار، يعكس نوره على كل من يلتقي به، مقدّما ذاته للجميع بغير محاباة. لكن لا يقدر ان يستضيء به الا الذي يقبله في داخله ويؤمن بابن الله".
المصادر خارج المسيحيّة
1 _ الطبري ابن القاصّ توفي سنة 947 م.
من اهم كتبه " دلائل القبلة في معرفة أحوال الأرض وعجائبها" وسجّل في الكتاب وصفا كثير الأهمية:" القادة المسلمين في القدس في ذلك الوقت، كان لديهم السيطرة المطلقة مع ما يحدث هناك، كما نرى أيضا مشاركة الاخوة المسلمون بصفة رسمية في هذا الحدث، ومن بين الحاضرين لهذا الحدث المعجزي إمام المسجد والأمير، وهو الوحيد الذي يحمل مفاتيح القبر. يقف المسيحيون بما فيهم البطريرك، خارج القبر متضرعين ومصلّين لظهور النور المقدس فلا مجال هنا لأي خداع او حيلة، فلا أحد على الاطلاق داخل قبر المسيح. كل شيء يحدث في الخلاء فلا وجود لأي خدعة باي شكل او من أي شخص، وفجأة ينبثق ضوء ابيض من داخل القبر المغلق فيأتي الأمير ويفتح القبر بنفسه، ويدخل ليضيء شمعته التي لا تحترق وعندما يخرج يسلّمها الى إمام المسجد، والذي بدوره يأخذ الشمعة ويذهب بها الى الجامع لينير قناديله..". {راجع المخطوطة لأحمد تيمور 1389 م، دار الكتب القومية القاهرة نهاية الورقة 47 ويستمر للورقة 48 وراجع الطبعة الحديثة لكتاب الطبري، الصادر عن المجمع العلمي العراقي، تحت عنوان" ذكر بيت المقدس" وراجع أيضا دلائل القبلة في معرفة أحوال الأرض وعجائبها، ابي العباس احمد بم ابي احمد الطبري البغدادي، دراسة وتحقيق احمد محبس الحصاوي مجمع منشورات المجمع العلمي، العراق سنة 2011 م}.
2 _ البيروني 973 _ 1048 م
أبو الريحان محمد بن البيروني، من مؤلفاته:" الاثار الباقية عن القرون الخالية" ويشير في فصل الى " الاحتفال المسيحي بعيد القيامة، ويسجّل كل ما يعرفه عن طقس النور المقدس.
وفي باب " اصوام المسيحيين" يسرد قصة النور المقدس. والطبعة الكاملة للكتاب:" الاثار الباقية عن القرون الخالية" تحقيق برويز اذكائي طهران سنة 2001م.
3 _ أبو عبيد البكري 1030 _ 1094 م، في كتابه :" المسالك والممالك للبكري" الجزء الاوّل تحت :" طول بيت المقدس" يقول:" وبايليا الكنيسة العظمى التي وسطها صهيون، فاذا كان يوم عيدهم ويوم السبت الكبير يخرج الناس من موضع القبر الى الصخر ، وحوالي السطح درابزين من ابنوس يشرفون منه على موضع القبر، وكلّهم يتضرعون الى الله عزّ وجلّ من وقت الأولى الى المغرب، والامام الذي يؤمّ بالناس في المسجد الجامع قاعد مع الأمير، فهُم على هذا حتّى يروا نارا بيضاء تخرج من جوف القبر فيفتح السلطان الباب عن القبر ويدخل وبيده شمعة فيوقدها في تلك النار فيرفعها الى الإمام فيأتي الإمام بتلك الشمعة الى المسجد الجامع فيشعل بها القناديل..".
{المسالك والممالك للبكري، ابي عبيد البكري حققه وقدم له ادريان فان ليوفن واندري فيري ترجمة سعد غراب الدار العربية للكتاب 1992}.
4 _ شمس الدين الشهزوري توفي 1288م، راجع كتاب:" نزهة الأرواح وروضة الافراح".
5 _ الاصفهاني، 1125 _ 1201 م، كتاب:" الفتح القسي في الفتح القدسي".
6 _ صلاح الدين الايوبي 1138 _ 1193 م. في يوم 4 أبريل 1192م ذهب صلاح الدين مُحاطا بحاشيته الى قبر الرب المُبجّل في اورشليم وهذا ليكشف الحقيقة عن النار السماوية التي تنزل من السماء بقوّة الهية في ذلك اليوم من كل عام وتضيء القناديل".
7 _ أبو المحاسن بهاء الدين بن شداد الاسدي الموصلي، 1145 _ 1234 م.
8 _ يوسف بن قزعلي بن عبد الله والشهير بسبط بن الجوزي 1186 _ 1256 م، في كتاب:" مرآة الزمان في تواريخ الاعيان".
9 _ الجاحظ 776 _ 868 م، كتاب الحيوان، الجزء الرابع،:" وما زالت السّدنة تحتال الناس جهة النيران بأنواع الحِيَل، كإحتيال رهبان كنيسة القمامة { القيامة} ببيت المقدس بمصابيحها. وان زيت قناديلها يستوقد لهم من غير نار، في بعض ليالي اعيادهم".
10 _ المسعودي 896 _ 857 م، كتاب:" مروج الذهب ومعان الجوهر"
11 _ النويري 1278 _ 1333 م:" نهاية الارب في فنون الادب" المجلد الأول:" ومنها سبت النور وهو قبل الفصح بيوم. يقولون ان النور يظهر على مقبرة المسيح في هذا اليوم، فتشتعل منه مصابيح كنيسة القيامة التي بالقدس".
لمن يرغب بالتوسع مراجعة المصادر التالية:" المقريزي 1364 _ 1445 وابن القلانسي 1071 _ 1160 م وياقوت الحموي 1179 _ 1229 معجم البلدان وابن تيمية 1263 _ 1328 م والصفدي 1296 _ 1363 م يقول شعرا:"
لقد زعم القسيس ان إلهه ينزّل نورا بُكرةَ اليوم او غدِ
فان كان نورا فهو نورٌ ورحمةٌ وان كان نارا أحرقت كل ما مُعتَدِ
يقرّبها القسيس من شعر ذقنه فان لم تحرّقها والا اقطعوا يدي"
وابن كثير 1301 _ 1373 البداية والنهاية.
يقول القديس أوغسطينوس:" العقل يقود الى الايمان، والايمان يقود الى العقل، وانا اؤمن لكي أتعقّل".
يوسف جريس شحادة
منتدى أبناء المخلص _ كفرياسيف