قال لهم يسوع ( بل إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون ) " لو 5:13 "
الله خلق الإنسان ذكياً يستطيع أن يفرز العمل الخاطىء لكي لا يخطأ. كما خلقهُ حراً ليبتعد عن كل عمل خاطىء، أو يمارسه بإرادته. كما يستطيع العودة إلى الرب كالإبن الشاطر الذي ندم أولاً، وبعد ذلك قرر التوبة والعودة إلى طريق الصواب، فعودته إلى بيت الوالد كان كعودة كل خاطىء إلى بيت الآب الإله. في بداية المسيحية كان الخاطىء يعترف أمام الجمع المؤمن بخطاياه، فكان الجميع يسمعون ما إقترف من خطايا، لكن تلك الطريقة وجدتها الكنيسة عسيرة، لما كانت تخلق من مشاكل جانبية وعداوات بين الأُسَر، لهذا قُرِر ان تحصر الإعترافات أمام الكاهن. لكن طرق التوبة لم يقتصر أمام الكاهن فقط، بل نستطيع أن نحلها أيضاً قبل الوصول إلى كرسي الإعتراف بطرق عديدة. الإعتراف عند الكاهن لا يعوض لأن الرب يسوع أعطى له السلطان لمغفرة الخطايا. الله لم يجد لنا طريقاً واحداً للتوبة قد لا نكون قادرين على العودة من خلاله بل أعطى لنا طرقاً متعددة لكي لا يكون طريق الإرتقاء إلى السماء عسيراً. الطريق الأفضل للتوبة هو اللجوء إلى كرسي الإعتراف في الكنيسة وأمام الكاهن لكي يمحي الرب السامع صوت المعترف وخطاياه ويحررهُ من قيود عبودية الخطيئة.
الطريقة الثانية هي الحزن والنوح والبكاء من القلب على الخطيئة المقترفة. الكتاب المقدس يذكر لنا أمثلة لهذا النوع من التوبة بأن الله يعدل عن قرارهِ ويحن على التائب كما فعل مع آخاب الذي ناح على خطيئته وحزن عليها، وكذلك داود الملك الذي كان يبلل فراشه بدموع الندم فغُفر له، وكذلك فعل بطرس هامة الرسل الذي نكر ربه فبكى بكاءً مراً فحصل على المغفرة. فدموع التوبة هي كمياه المعمودية الثانية تحمي صاحبها من مخاطر الخطيئة. فإذا دموع بطرس قد محى خطيئة كبيرة كتلك، كذلك إذا بكينا وذرفنا دموع التوبة ستمحى خطايانا، لكن يجب أن نعرض أنفسنا لأب الإعتراف لكي منه نسمع الحلْ.
العودة من طريق الخطيئة بكل تواضع وإنكسار هما من ثمار البر، وهكذا سيحصل على التبرير بدون أن يبذل جهداً كما فعل العشار الذي كان في الهيكل مع الفريسي، وكذلك المصلوب على يمين الرب يسوع.
أما الطريق الرابع هو الإعتراف أمام الذي خطأنا إليه، فإن كنا قد سرقنا حاجته، نعيدها إليه. وإن كنا قد سببنا له الأذى فلنطب منه المغفرة لكي ننال منه الرضا والمغفرة والمحبة، وبهذا لا يحتاج المؤمن أن يعترف بتلك الخطيئة في الكنيسة. هذه الطريقة تأتي من عمل الرحمة لمن يغفر، فالرحمة أو الصدقة هي المحامي الممتاز الذي يدافع عن الخاطىء، والمسيح سيكافىء تلك الصدقة بالأفضل،وبالمغفرة للخصم ننال ما هو أفضل، قال الرب: وإن لم تغفروا للناس زلاتهم، لا يغفر لكم أبوكم أيضاً زلاتكم. " مت 15:6" . الإنسان الكريم هو أكثر عظمة عندما يرحم أخيه الإنسان بكل محبة، فأعمال الرحمة الكثيرة ترفع الإنسان إلى الله كالعذارى الخمسة الحكيمات اللواتي كانت لهن زيتاً، والتي كانت ترمز إلى أعمال الرحمة . أما الخمسة الجاهلات فكن فارغات من تلك الأعمال ، فالزيت يرمز إلى الرحمة، ونار المصابيح إلى البتولية، وهنا المقصود أن الخطيئة لم تقدر أن تخرق حياتهن الروحية. قالت الحكيمات للجاهلات إذهبن إلى بائعو الزيت. فمن هم بائعوا الزيت؟ إنهم الفقراء الذين ينتظرون الرحمة من الآخرين. علينا أن ننتبه إلى موضوع الرحمة جيداً. فالرحمة والبتولية تقود أصحابها إلى السماء، بينما البتولية دون الرحمة عجزت عن ذلك كما للعذارى الجاهلات. والله سيحاسب الإنسان على أعمال الرحمة بدقة ، فالجاهل إذاً هو ذلك الغني بالمال الذي لا يعرف الرحمة كالغني الذي لم يرحم لعازر الملقى أمام داره. علينا أن نعطي ولا نحسب ما عندنا كالأرملة التي رمت فلسيها في الصندوق، كان ذلك كل ما تملك. كذلك الأرملة التي إستضافت إيليا النبي فلم تحسب فقرها عائقاً لإستضافته لذلك تمتعت بثمار الضيافة ،حصدت سنابل الرحمة. فالزيت الذي فاض من آنيتها كان يرمز إلى رحمة الله العظيمة لها، إنها لم تعطي إلى إيليا الجائع، بل أعطت إلى الله عن طريق إيليا. والله هو الذي أعطى لها بسخاء. قال الرب يسوع:
مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ. " أع 35:20".
توقيع الكاتب ( لأني لا أستحي بالبشارة ، فهي قدرة الله لخلاص كل من آمن ) " رو 16:1"