
عشتار تيفي كوم - سيريك برس/
يشكّل اختيار ديانا داوود لتمثيل المنتخب الوطني العراقي لكرة القدم للسيدات قصةً من النوع الذي يغيّر خريطة الاحتمالات أمام مجتمعٍ كامل. وُلدت داوود لأسرة آشورية من الموصل في محافظة نينوى، وغادرت العراق مع والديها بعمر أربع سنوات لتقضي طفولتها في الأردن، حيث تعلّمت اللعبة “باللعب مع أطفال الحي، وغالباً كوني الفتاة الوحيدة“، كما قالت في مقابلة حديثة مع إيزيدي تايمز. والدها، الذي درّب في العراق والأردن، صقل مبكراً ميولها الكروية، وذلك الدعم، إلى جانب عزيمتها الشخصية، دفعها من كرة الشوارع إلى الأكاديميات الأمريكية، وصولاً إلى مستوى الجامعات، ثم الاحتراف. والآن إلى استدعاء تاريخي للمنتخب الوطني.
بحلول 13 من عمرها، كانت داوود قد التحقت بالنظام الأكاديمي الأمريكي للفئات العمرية، لترتدي لاحقاً القميص الأخضر لجامعة شيكاغو الحكومية. هناك لعبت 451 دقيقة خلال موسم 2021–2022 وعمّقت أساسها الفني والتكتيكي، وهو الأساس الذي حملها إلى ما بعد المنافسات الجامعية.
مسارها عبر مدرسة نايلز ويست الثانوية، والأكاديميات المتعددة، ثم جامعة شيكاغو الحكومية، يرسم رحلة صعود مستقرة من موهبة شارع خام إلى لاعبة خط وسط قادرة على تلبية متطلبات اللعب المنظّم والتنافسي.
بعد الجامعة، واصلت سعيها لفرص احترافية، بما في ذلك فترة لعب مع نادي بوليتينيكا تيميشوارا في رومانيا. لتضعها تلك الدقائق الأوروبية ضمن مجموعة صغيرة لكنها متنامية من اللاعبات الكلدانيات السريانيات الآشوريات المحترفات في الخارج، ومنحتها خبرةً بات المدربون الوطنيون يولونها أهمية متزايدة. حتى اللعب في دوريات أصغر يمكن أن يشكّل أرض اختبار للاعبات المهجر، وقد ساعدت التجربة الأوروبية داوود على الاستعداد للمستوى التالي.
ووصل ذلك المستوى في نوفمبر 2025. ومع مشاركتها في دوري UPSL للسيدات، مؤتمر أريزونا، مع فريق Next Level Soccer، تلقت داوود دعوة للانضمام إلى المنتخب العراقي في معسكر تدريبي والمشاركة في بطولة اتحاد غرب آسيا للسيدات وبهذا، أصبحت أول امرأة آشورية يتم استدعاؤها في تاريخ المنتخب العراقي الأول للسيدات.
هويتها الآشورية شكّلت نظرتها للعالم بقدر ما شكّلها مسارها الرياضي. قالت لـإيزيدي تايمز: “الآشوريون هم السكان الأصليون لبلاد ما بين النهرين العليا، بتاريخ يمتد لستة إلى سبعة آلاف عام. الانتماء لأقلية يجب أن يكون دافعاً دائماً، لأنك من يقرر كيف تمثل وتُظهر إرثك للعالم. كرة القدم لا تهتم بمن أين أتيت، بل تُقيَّم على أدائك“. هذا الموقف ينعكس على خطابها العلني، حيث تستخدم هويتها مصدر قوة لا عبئاً، وتُقدّم نموذجاً مرئياً للفتيات من مختلف الأقليات في العراق.
بالنسبة لداوود، حمل الاستدعاء مشاعر المسؤولية بقدر ما حمل الفخر. “شعرت أنه مسؤولية لدفع الفريق في الاتجاه الصحيح»، قالت. “كان لحظة فخر لأمثّل مجتمعي والموصل والبلد كله“. رسالتها للاعبات الصغيرات، خصوصاً من يشعرن أنهن غير مرئيات، واضحة مثل رحلتها الطويلة: “إن استطعتُ أنا، فبإمكانهن أيضاً“.
ملفها الفني في الملعب يوازي أخلاقيات العمل التي تعكسها كلماتها. يصفها المدربون بأنها لاعبة وسط يُعتمد عليها، منضبطة بالاستحواذ، شغوفة بالضغط على الخصم، ومتمكنة في الربط بين الدفاع والهجوم.
خارج الملعب، شاركت في تأسيس مبادرة شبابية وفي أعمال مجتمعية، في انسجام مع توجّه عالمي للاعبات العصر لاستخدام حضورهن لتحقيق أثر اجتماعي. بالنسبة للفتيات في عموم العراق، الكلدانيات السريانيات الآشوريات، والإيزيديات، والكرديات، وغيرهن، وجودها في القائمة الوطنية يُعد دعوة عملية. قصتها تبيّن أن الطريق إلى الاحتراف يمكن أن يمر عبر أحياء اللاجئين، مجتمعات المهجر، الأكاديميات الصغيرة، والدوريات شبه المحترفة الأمريكية، تماماً كما يمكن أن يمر عبر البنى التحتية المحلية التقليدية.
صعود داوود يتقاطع مع تحول أوسع في كرة القدم النسوية العراقية. لسنوات اعتمدت اللعبة على لاعبات كرة الصالات، وبنية تحتية محلية محدودة، وقليل من الاحتكاك الدولي.
لكن مع عودة المنتخب الوطني النسوي إلى تصنيف FIFA عام 2024، واستثمارات الاتحاد الدولي والاتحاد العراقي لكرة القدم في التطوير والاستكشاف الدولي، بدأ البرنامج في النمو عبر نموذج أكثر شمولاً وتمثيلاً. اختيار داوود هو نتاج لهذه الاستراتيجية وإشارة إلى أنها تؤتي ثمارها.
ما سيصنع إرثها لاحقاً، سواء تذكّرها الناس لكونها أول من كسرت السقف، أو للدقائق التي ستقدمها على أرض الملعب، سيعتمد على مسار مسيرتها لاحقاً. لكن ما هو واضح بالفعل أن استدعاءها قد وسّع الباب أمام غيرها. بتمثيلها العراق، جعلت خريطة جديدة ممكنة، واحدة لا تحدها الولادة أو اللغة أو الخلفية، وتذكّر كل فتاة ترى نفسها في قصتها أن الموهبة، حين تلتقي بالفرصة والإصرار، تستطيع أن تقطع طريقاً طويلاً جداً.