الحركة الكشفية السريانية تحتفي بالذكرى المائة لانطلاقتها - أربيل/ عنكاوا      الثقافة السريانية تطلق أوبريت الأطفال "ورده ددعَثيث - ورود المستقبل"      عيد القديسة مارت شموني واولادها السبعة ومعلمهم اليعازر- قره قوش      ضمان أمن المسيحيّين… تحوُّلات الدور بين تركيا وسوريا      العيادة المتنقلة التابعة للمجلس الشعبي تواصل دعمها الصحي بزيارة قرية صوركا في دهوك      قداسة البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني يشيد بدعم نيجيرفان بارزاني للمسيحيين      توقيف خمسة أشخاص في فرنسا بشبهة ضلوعهم بجريمة قتل آشور سارنايا      المجلس الشعبي يستقبل السيد كبريل موشي رئيس المنظمة الديمقراطية الاثورية ( مطكستا )      الموصل.. افتتاح كنيستي الطاهرة ومار توما بعد إعادة التأهيل      رئيس الديوان الدكتور رامي جوزيف آغاجان يزور مطرانية الأرمن الأرثوذكس      بناء ثلاثة سايلوات في إقليم كوردستان      الانهاك الرقمي      سرّ بسيط للنوم العميق.. ما هو تحفيز العصب المبهم؟      غوارديولا يكشف موعد "اعتزال التدريب"      بالتزامن مع تحليق مكثف للطيران.. قاعدة عين الأسد تغلق أبوابها بشكل مفاجئ      البرلمان البرتغالي يقرّ حظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة      نفق بين روسيا وألاسكا.. ترمب يدرس الفكرة وموسكو تعرض المشروع على ماسك      إيران: لم نعد ملزمين بالقيود المرتبطة بالبرنامج النووي      بيان رؤساء الكنائس في القدس حول انتهاء الحرب في غزة      لامين جمال وبيلينغهام يدخلان قائمة الـ10 الأوائل لأعلى اللاعبين دخلا
| مشاهدات : 951 | مشاركات: 0 | 2023-03-20 09:48:22 |

الحلقة الأولى ... إنه زمن الصوم

المونسنيور د. بيوس قاشا

 

            نعيش اليوم في عالم يبحث عن السعادة ويسعى للحصول عليها من ظواهرها (أكل، مال، شهرة، شهوة، منزلة، تحقيق الذات على حساب الحقيقة، المصلحة الأنانية...إلخ)، ونتفاجأ دوماً بأنّ كل ذلك ينضب قبل أن نرتوي. وفي داخلنا ما يفتش عن فرح دائم لا نعرف أين نجده، وفي كثير من الأحيان نشعر أن الظلام يلفّنا وسط

عواصف التجارب والمعاناة وكأننا متروكون. كذلك عالمنا عالم يسيطر عليه شبح الموت، شبح الوباء، شبح الحروب، شبح الزلازل والقتل والدمار وقتل الإنسان البرئ جسدياً ونفسياً، ولسان الإنسان ينطق بالكذب بدل الحقيقة ليتّهم الآخرين الأبرياء وما ذلك إلا عالم مشحون بالموت، وفيه نتساءل: أين دور الصوم في هذا الزمن؟ وأين دور الصلاة في حياتنا؟ وهل من الضروري الصيام أو إعطاء الصدقة وأمور أخرى؟ وأمام هذه الأسئلة المختلفة نجد أنفسنا في أزمة الحقيقة والإيمان والبشارة حيث يكشف لنا الرب يسوع أن فعلاً عالمنا عالم ظالم نعيش فيه حيث يُقتل البريء، ويُبعَد المتألم والخاطئ والضعيف والمهمش، وتُسلب الحياة من معطي الحياة، ويخلَّص السارق والقاتل... فكم هو ظالم عالمنا.

واليوم، نحن في زمن الصوم نسأل الله لنستعدّ لعيدي القيامة والفصح المجيدين، وفي بدء مشوار هذا الصوم نسأل: أين نحن من هذا الزمن؟ وكيف استعدينا وهيأنا أنفسنا؟ في البدء نقول: إن زمن الصوم والصلاة والصدقة ليس زمن مسألة عواطف، فهدف الصوم هي الصلاة، وهدف الصلاة هو الارتقاء إلى الله بمساعدة الفقير بصدقة تكنّ عن الحبّ الإلهي الذي يتجسد في محبة القريب.

من هنا ندرك أن زمن الصوم هو زمن وقوف الإنسان أمام ذاته لفحص الضمير ولا شيء آخر وهذه دعوة للجميع، للكبار والصغار، للرؤساء والمرؤوسين، فهو ليس زمن آيات ومعجزات وخطابات وبيانات بل زمن حياة وحب وعودة إلى الله الآب. فالمعجزة حقيقة هي أن تحيا لا أن تقرأ، أن تحيا كمؤمن لأن معجزته الكبرى هي التوبة إلى الله والعودة إليه. كما أن زمن الصوم ليس فقط ممارسة تقشفية فردية إنما هو احتفال طويل تدعو الكنيسة فيه الناس كي يتركوا الروح يجدد قلوبهم فحيث من تراب خلقتنا تولد الحياة.

والصوم أيضاً ليس فقط حرمان الذات من أشياء كثيرة فمثل هذا الصيام أصبح فارغاً من معناه ولا علاقة له بالله ولا بالآخر. فالإنسان لا يعيش فقط بالخبز بل بكل كلمة تخرج من فم الله. في هذا ندرك أنه زمن انفتاح على معاناة الآخر ومشاركته وخاصة المهمشين كما يقول إشعياء "أليس الصوم الحقيقي هو أن تكسر للجائع خبزك وأن تُدخل اليائسين والمطرودين والمرفوضين بيتك" (اش 7:58). فالرب يسوع يشجب المظاهر الخارجية ويشدد على حياة حقيقية أمام الله وليس أمام الإنسان. إنها علاقة عميقة وداخلية مع الله، وفي هذا لا يجعلني أن أكون عبداً للعالم وملذاته فكلنا مدعوون للاشتراك بتاريخ الخلاص كلٌّ على حسب موهبته رغم التحديات الفكرية والعلمية والثقافية، ففي ذلك يدعونا الصوم وزمانه إلى الانفتاح على معاناة الآخر لنكتشف فرصة النعمة وحقل الحب للرب في إفراغ ذواتنا من فناء الدنيا ونمتلئ في الصلاة، إذ لا قيمة للصوم بدون صلاة. فلا يجوز أن تكون نظرتنا منغلقة على ذواتنا كي نكون في مسيرة الإيمان وكل ما نعمله في هذا الصيام يبقى باطلاً إذا لم يكن الدافع له هو الإيمان. فبالإيمان عبر الصيام أنقل العوائق والجبال التي تمنعني من العيش كي تصبح طريقي سالكة عبر عدم الاكتفاء الذاتي مما يجعل من مسيرتنا وسيلة للانتصار على الجسد والأهواء الرديئة، ففي ذلك نجد أن تصرفات الإنسان تأخذ معناها برباطها مع الحي الله الآب وليس مع الأهواء، والمكافأة التي تأتينا من الناس بسبب البِرّ الذي عملناه إنما هو ردة فعل الآب الطبيعية تجاه ابنه الذي يعرفه جيداً. فالمكافأة ليست تصفيقاً خارجياً ولا مدحاً لأشخاص نحبهم فتلك أنانية مؤدَّبة تغلق علينا طريق السماء، طريق الحقيقة. ولكن لا نخف فمهما ساورنا الشك في مسيرة حياتنا وفي عالم تستعبده المادة والسلطة والشهرة والشهوة ويقينه العلم والبرهان، نعمل دائماً كمدعوين لنعلن إيماننا بالمسيح القائم من الموت.

لذا علينا أن نعرف كيف نختار وكيف نحب، فحياتنا فيها أحداث كثيرة وغالباً ما ترافق هذه الأحداث أفكار تدعونا لاتخاذ مواقف قد تكون مؤثرة في حياتنا وحياة مَن هم بقربنا من الآخر المختلف، فبولس الرسول يقول "إن كنتَ من أجل الطعام تُحزن أخاك فلا تكون سالكاً في المحبة. فلا تُهلك بطعامك ذاك الذي مات المسيح من أجله" (رو15:14). فما الفائدة من زمن الصوم وكثرة الصيام ولا نلتفت خلال هذا الزمن إلى الفقير؟ ما الفائدة من زمن الصوم وكثرة الصيام ولا نعمل الخير من أجل نجدة المحتاج فنجعل من ذلك اقتصاداً وتوفيراً وننسى عالم الروح؟ وما الفائدة من زمن الصوم وكثرة الصيام والإنسان مملوء غضباً وحقداً وحسداً وكذباً وعبادة الكبير من أجل مصلحة الحياة والكبرياء ولا يترك مجالاً للغفران والمسامحة وحفظ الذات من أجل جميع الدنيويات؟.

لذا ختاماً يجب أن لا تكون خياراتنا في الأطعمة والمشروبات سبباً للخصام مع إخوتنا لأن المحبة يجب أن تحكم أولاً وآخراً في كل أصوامنا. فالصوم ضروري ولكن ليس فقط الصوم الجسدي بل أيضاً الصوم عن الكراهية والحقد والنميمة والكذب والغيرة، وإلا ما فائدة إفراغ البطون ولا نملأ القلوب بحبّ الآخر المختلف. فالصوم رسالة تقودنا إلى أن نكون قديسين... نعم وآمين، وإلى الحلقة الثانية "إنه زمن الصلاة".










أربيل - عنكاوا

  • رقم الموقع: 07517864154
  • رقم إدارة القناة: 07504155979
  • البريد الألكتروني للإدارة:
    [email protected]
  • البريد الألكتروني الخاص بالموقع:
    [email protected]
جميع الحقوق محفوظة لقناة عشتار الفضائية © 2007 - 2025
Developed by: Bilind Hirori
تم إنشاء هذه الصفحة في 0.5298 ثانية