محافظ نينوى ووزير الإعمار والإسكان والوفد المرافق يزورون الرئاسة الأسقفية لأبرشية الموصل وتوابعها للسريان الكاثوليك      الأب سنحاريب إرميا كاهن رعية مار أفرام ربا في مدينة أورهوس الدنماركية يقيم القداس الإلهي بمناسبة الأحد الرابع لتقديس الكنيسة      قرى مسيحية بالشمال السوري تستقبل أهلها من جديد بعد سنوات النزوح      نيافة المطران مارنيقوديموس داؤد متي شرف يستقبل السفير اليوناني لدى العراق، والقنصل الجديد للمملكة الأردنية الهاشمية في أربيل      ‎قداسة البطريرك مار افرام الثاني يستقبل سعادة القائمة بأعمال السفارة النمساوية في دمشق      غبطة البطريرك يونان يقوم بزيارة أبوية تفقّدية لرعية مار أنطونيوس الكبير في جونيه - كسروان، لبنان      البطريرك ساكو يستقبل السفير الفاتيكاني الجديد لدى العراق      العراق يطلق مشروعاً واسعاً لترميم موقع “أور” الأثري بكلفة 19 مليار دينار      كنيسة المشرق الاشورية شاركت في برنامج زيارة قداسة البابا ليون الرابع عشر في تركيا ولبنان      ‏‎قداسة البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني يفتتح البازار الخيري لجمعية الشبان السريانية      فريق سيدات نادي سنحاريب لكرة الطائرة يشق طريقه نحو نهائيات بطولة غرب آسيا في الكويت      مالية كوردستان تسلّم قائمة رواتب شهر تشرين الثاني إلى وزارة المالية الاتحادية      الصدر يدعو إلى "صلاة جمعة مليونية" في بابل      محاولة انقلاب وعزل للرئيس.. ماذا يحدث في بنين؟      اتفاق سنّي على "توافقية" منصب رئيس البرلمان والدخول بمرشحين بحال إصرار طرف على مرشحه      ماذا سيُميّز السفر في عام 2026؟      تأثير الرسوم المتحركة على نمو دماغ الأطفال      كأس العرب.. العراق يصعق السودان ويتأهل لدور الثمانية      بيت لحم تضيء شجرة الميلاد بعد عامين من التوقف بسبب الحرب      الرئيس بارزاني في المؤتمر الدولي للسلام والمجتمع الديمقراطي: أدعم أي محاولة تخدم عملية السلام والعيش المشترك
| مشاهدات : 2492 | مشاركات: 0 | 2025-05-25 09:58:45 |

عبور الضباب

كفاح الزهاوي

 

    كان يتوارى خلف قناع خفي، يعبر محيطات الكون دون أن يلامس طعم الحياة. كاد اليأس أن يطبق على عنقه، ليختنق الليل في أنفاسه الأخيرة، ككلب يلهث تحت لهيب الصيف، يبحث عبثًا عن نسمة نقية.

    كان يعيش في صراع دائم بين واقعه الملموس ومكنونه النفسي العميق، فالكشف عن ذلك المكنون يعني التخلي عن القناع الذي أصبح جزءًا لا يتجزأ من شخصيته، بل ربما كان السبب في عزلته وانطوائه.

    ترددٌ يضطرب في أعماقه كموج البحر، يرتفع عاليًا مهددًا بابتلاع سفينةٍ عمره تتخبط وسط العاصفة، لتلقي بها في دوامةٍ من الغرق. هكذا يبدو الصراع خلف القناع، متغيرًا وفق الظروف والمواقف، ومحمّلًا بمزيج من المخاوف ــالخوف من الحكم، والرغبة في الانتماء، والسعي للحماية العاطفية، والبحث عن السلطة والتأثير، في بيئات العمل والعلاقات الاجتماعية.   

    يجد نفسه في عتمة الحياة، هائمًا فوق غيمة معزولة في فضاء مترامٍ، كأنه يطفو بلا وجهة. يجلس متوترًا، ظهره مستند إلى كرسيه، يرفع رأسه ببطء، مختلجًا بين التردد والانكسار، وعيناه تتسلل من خلف قناع قاسٍ، تتأمل الأفق المتواري وسط الضباب الكثيف. ذلك القناع الذي أذاقه مرارة الوهم، وغلفه بعزلة مصطنعة، يقيد روحه كما يقيد صمتُ الليل العابر أسرار النفس. 

    يحاول أن يلتقط شظايا الذكريات المبعثرة ـــأيام المراهقة، الأمسيات الهادئة، ضحكات الأصدقاء التي كانت يومًا قريبة، لكن شيئًا ما يعبث بكيانه، شكوك وتوقعات تتناسل في ذهنه، تذكّره بأنه مختبئ خلف عالم غامض، عالم شيده بنفسه من أفكاره المتأصلة. 

    تتلاطم داخله الصدمات المتكررة، تغرس في وعيه فكرة البقاء داخل ذلك السجن المظلم، حيث الفوضى تضجُّ في زواياه، وحيث القناع الذي ارتداه للاحتماء، أصبح هو ذاته القضبان التي تعيقه عن كشف الأبعاد الحقيقية لوجوده.

    كان ضجيج الدماغ يحيط به كموج متلاطم ينهال عليه من كل صوب، وأغنية حزن قديمة من زمن مضى تهمس في الفراغ، تتسلل بين الجدران كأصداء زمن مضطرب، تمتزج مع الفوضى الساكنة داخله.

    في زاوية بعيدة، مطرقةٌ تهوي على الخرسانة، تبعث رجفةً في الأرض كأنها تعيد تشكيل وعيه وفق إيقاع جديد. حملت الرياح هذا الصخب المتداخل، لم يعد مجرد أصوات، بل كيانًا حيًا يتغلغل في المسافات، ينساب من السماء، يصعد من الأعماق، يخنق الفراغ، يحتل نبضه ويتمدد في صمته المتلاشي.

    وهنا جاءت لحظة المواجهة الحاسمة، لحظة انكشاف الحقيقة وتبدد ذلك الوهم الراسخ. تجمّعت كل أسباب الشقاء منذ أن اخترق شعورٌ مجهولٌ روحه واستوطنها كماردٍ يحرك هواجسه عكس التيار، يعبث بيقينه ويدفعه لرؤية الأشياء بمنظور جديد، رغم وضوحها الذي لم يتغير.

   لم يكن يعلم ما الذي يخفيه له ذلك العالم الغامض، ولا ما تحمله همسات الليل الطويل من أسرار. سار بلا هدى نحو الضباب، كأنه يخطو داخل فم حوت جائع ينتظر فريسته. كان الضباب يحيط به كوشاح رمادي، يسرق ملامحه، يحتضنه ببرودة خفيفة تخترق روحه. تأمل كفيه المفتوحتين، كأنما يبحث عن حقيقة ضائعة بين خطوطهما. وحين لامس وجهه بعد هنيهة، لم يعد يميز بين بشرته والقناع الذي التصق بها، حتى كاد يصرخ من الألم—ترى، هل بات القناع جزءًا لا ينفصل عن شخصيته؟.

    ثم، دون أن يدرك كيف، بدأ الضباب يبتلعه، أو ربما كان هو من يذوب فيه. هل كان يتحرر، أم كان يختفي؟ لم يعرف، ولم يكن هناك من يخبره بذلك.

 










أربيل - عنكاوا

  • رقم الموقع: 07517864154
  • رقم إدارة القناة: 07504155979
  • البريد الألكتروني للإدارة:
    [email protected]
  • البريد الألكتروني الخاص بالموقع:
    [email protected]
جميع الحقوق محفوظة لقناة عشتار الفضائية © 2007 - 2025
Developed by: Bilind Hirori
تم إنشاء هذه الصفحة في 0.5130 ثانية