عشتارتيفي كوم- البطريركية الكلدانية/
التقى غبطة البطريرك الكاردينال لويس روفائيل ساكو برفقة المطران المعاون باسيليوس يلدو ظهر يوم الأربعاء 24 أيلول 2025 في صالة للحكومة النمساوية في فيينا، حضرها رئيس الوزراء النمساوي السابق Wolfgang Schlüssel الذي قدمه للحضور من السفراء والمسؤولين الحكوميين. وبعد إلقاء كلمته أجاب غبطته على أسئلة المشاركين حول وضع المسيحيين في العراق والشرق الأوسط.
اليكم كلمة غبطته المترجمة الى العربية
وضع المسيحيين في العراق، وما ينتظرهم في المستقبل
شكراً جزيلاً لدعوتكم لي لمناقشة الوضع الحالي للمسيحيين في العراق، وما ينتظرهم في المستقبل.
خلال العقدين الماضيين، عانت الأقلية المسيحية في العراق معاناة كبيرة، إذ باتت في وضع هش رغم كونها من السكان الأصليين للبلاد. لقد تراجعت مكانتهم بسبب الصراعات الطائفية، ووجود الجماعات المتطرفة مثل القاعدة وداعش، والميليشيات والفرق الإجرامية، والتمييز في التوظيف، وقانون الأحوال الشخصية القمعي، وإجبار الأطفال على اعتناق الإسلام عند زواج احد الوالدين بمسلم او مسلمة.
إضافة إلى ذلك، ظهرت ميليشيا في عام 2014 تدّعي تمثيل المسيحيين، وهو ادعاء باطل. و أهدافها التخريبية تشكّل تهديداً للمسيحيين في العراق. فقد نهبت أملاكهم في بغداد ومنطقة نينوى، بالإضافة إلى انتهاكات حقوق الإنسان والفساد وتزوير الانتخابات. وقد استولت هذه الميليشيا على كوتاالمسيحيين في البرلمان، و بدلاً من حمايتهم، تقوم بقمعهم ومنعهم من التقدم.
في قرى سهل نينوى، لا توجد فرص عمل أو خدمات. وفي مدينة الموصل، لم يبقَ سوى 70 عائلة مسيحية من أصل 50 ألفاً كانوا يعيشون فيها.
دفعت هذه العوامل الكثير من المسيحيين للهجرة، إذ رأوا صعوبة كبيرة في تصور مستقبل آمن ومستقر بعد سنوات من الحرب. ونتيجة لذلك، انخفض عددهم، حيث غادر أكثر من مليون شخص البلاد، وبقي ما بين 400 و500 ألف يتصارعون للبقاء في وطنهم. تحسّن الوضع الأمني بعض الشيء، لكن لا يزال المسيحيون يعيشون في حالة عدم استقرار، اذ لا يثقون بالمستقبل.
من المؤسف أن الحكومات المتعاقبة لم تتخذ إجراءات لمعالجة الظلم والتهميش، مما أدى إلى استمرار تدفق المهاجرين من البلاد، وخصوصا سلمت كل مقدرات المسيحيين وتمثيلهم الى هذه الميليشيا المعروفة.
ما الذي يحتاجه المسيحيون؟
يحتاجون إلى سلام حقيقي يحفظ حقوقهم وأمنهم وكرامتهم.
ضمان حماية حقيقية للمسيحيين في بلدات سهل نينوى بالتعاون مع الشرطة الاتحادية وليس الميليشيات.
إعادة الأملاك المسلوبة وتعويض المتضررين مالياً.
خلق بيئة مواتية تشجع عودة المهاجرين المسيحيين، وخاصة من الدول المجاورة.
و فيما يتعلق بالرؤية المستقبلية اقترح:
إنشاء دولة حديثة تضمن حقوق جميع المواطنين على حد سواء، بغض النظر عن معتقداتهم الدينية أو انتمائهم العرقي أو الاجتماعي أو السياسي. أعتقد أن على العراقيين العمل على تغيير النزعة الطائفية والثقافة القبلية، بما يخدم التعايش السلمي والفعّال.
تأسيس دولة مدنية قائمة على مبدأ المواطنة والمساواة بين جميع أبناء الوطن، دون تمييز على أساس الدين أو المذهب أو الجنس. يجب أن يكون المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات، بعيداً عن منطق الأغلبية والأقلية. دولة تخدم مواطنيها، لا الأحزاب السياسية أو الميليشيات.
وضع دستور مدني بدلاً من الاعتماد على أحكام الشريعة الإسلامية. دستور يحترم مبدأ المواطنة المتساوية وحرية المعتقد لجميع العراقيين، ويؤكد حقهم في المشاركة الكاملة في الحياة العامة، ويعزز الوحدة الوطنية، ويضمن تطبيق القانون على قاعدة الدين لله والوطن للجميع.
نأمل في دعمكم المعنوي والسياسي لنتمكن من البقاء في أرضنا بسلام، ولنكون شهوداً على قيمنا الإنسانية والمسيحية. نؤمن أن لنا دوراً مهماً في العراق، يتمثل في تقديم نموذج فريد من نوعه، والتعاون مع جميع أبناء الوطن لبناء وطن آمن ومزدهر.
وأخيراً، لا تنسوا المسيحيين في العراق والشرق الأوسط، فهم جزء لا يتجزأ من تاريخ المسيحية التي تمثل جذوركم.
شكرًا على صبركم.