كنيسة مار يوسف الكلدانية في الشيخان تحتفل بقداس ليلة الميلاد المجيد      مراسيم استقبال المهنئين بأعياد الميلاد المجيد - قاعة كنيسة مارت شموني في عنكاوا      البرلمان القبرصي يتبنى قراراً يدين المذبحة التاريخية التي ارتكبت بحق السريان الآشوريين على يد الدولة العثمانية إبان الحرب العالمية الأولى      قداسة البطريرك مار كيوركيس الثالث يونان يترأس القداس الإلهي احتفالاً بعيد ميلاد ربنا ومخلصنا يسوع المسيح - الكاتدرائية البطريركية للقديسة مريم العذراء في بغداد      بالصور.. القداس الإلهي لمناسبة عيد الميلاد - كاتدرائية الرسل الطوباويين في أربيل      قداس ليلة عيد الميلاد المجيد - كنيسة ام النور في عنكاوا      قداس عيد ميلاد ربّنا يسوع المسيح في كنيسة الشهداء/ شقلاوة      رسالة تهنئة من الرئيس مسعود بارزاني بمناسبة عيد ميلاد السيد المسيح      نيجيرفان بارزاني رئيس إقليم كوردستان يهنئ المسيحيين بمناسبة عيد الميلاد المجيد      مسرور بارزاني رئيس حكومة إقليم كوردستان يهنئ بمناسبة ذكرى ميلاد السيد المسيح      القهوة قد تبطئ الشيخوخة البيولوجية      قاذفات نووية روسية قرب الأجواء البريطانية… ما القصة؟      كهرباء كوردستان: الشتاء الحالي سيكون الأخير الذي يشهد مشكلة انقطاع التيار الكهربائي       حرق النفايات في العراق.. إجراءات حكومية عاجلة ونتائج محدودة      رسالة البابا إلى مدينة روما والعالم بمناسبة عيد الميلاد ٢٠٢٥      أموريم يعلق على إصابة فيرنانديز وسط مخاوف من تطور خطير      ألتمان رئيس أوبن إيه آي يحدد موعد الاختراق الكبير التالي في الذكاء الاصطناعي      الجرجير يتصدر قائمة الخضروات الأكثر صحة      صافرة عيد الميلاد تسكت الملاعب مؤقتا في كأس أفريقيا      في قداس عشية عيد الميلاد، البابا: في الطفل يسوع، يهب الله العالم حياةً جديدة
| مشاهدات : 1273 | مشاركات: 0 | 2019-05-22 09:50:42 |

فيضان الكراهية...

المطران د. يوسف توما

 

 

حضرت قبل أيام دورة أقامتها اليونيسيف بخصوص التعامل مع الأطفال والشباب الذين تربوا تحت حكم "داعش" في سوريا والعراق منذ 2014، وألهمتني النقاشات الكثيرة التي دارت بين الحاضرين أن أكتب هذه السطور.

في مراحل تطور الإنسان يبدو أن الإيمان بالله يشكل عاطفة أساسية عميقة، تجعل المرء يشعر بشيء يتجاوزه ويأخذه إلى خارج ذاته، ليرى ويختبر وجود الله في كل شيء وفي كل مكان. إنها مسألة تحدّد نضوج الذات عاطفيا وبشكل نهائي بحيث يرتبط المرء بالطبيعة أو بمحيطه الحيوي مباشرة وبأبعاد الكون في نهاية المطاف: "أنا أحبّ الله فإذن أنا موجود". وهذا الشعور يعني العيش مثل الطبيعة ومعها، من خلال شعور عميق بها. إنها مشاركة بالكون الحي وشعور بقدرة تعمل "كما في السماء كذلك تعمل في كل تفاصيل الأرض".

لكن، من أهم ما تتميّز به الكائنات الحية، هو لغة التواصل التي أوجدتها الطبيعة، وهي لغة عواطف متدفقة قائمة على التنفس من قبل جميع الكائنات الحية في المحيط الحيوي في كوكبنا. إنها لغة عالمية، لديها مفردات وموجات وجاذبية، تشبه الأمواج الكهرومغناطيسية، إنها قوية حتى في أبسط عناصرها، يمكن أن نقرأها في جميع مظاهر الوعي.

الوعي! ما أجمل هذه الكلمة، لأنها تعطيني قيمتي وقيمتك أنت، والوعي ليس له شكل على الإطلاق. ليس صلبا أو سائلا أو غازيًا أو بلازما. لا يمكن لآلة تصوير التقاطه أو تخزين موجاته كوعي. بل الوعي مسألة تراكم معقد هو نتيجة للخروج من ضبابية الطفولة وعجزها، إنه العين الثالثة التي يرسمها الهنود على جبينهم، هذه العين تشعر وتقرأ بحدسها الحقيقة والواقع، ولا تقع فريسة تضليل الأبعاد الثلاثة: الطول والعرض والارتفاع، الوعي يفهم أن هنالك بعد آخر.

لذلك كان الوعي بوجود الله ينتمي إلى الإيمان الشخصي، وليس الجماعي ويتجاوز كل ما تقوله الأديان، إذ يتصل المرء به بشكل سرّي وغامض عبر كل الكائنات صغيرة أو كبيرة، تلك التي تعمل ليل نهار. الوعي يجعلك تشعر مثل شعور الله، برحمة!

لكنك قد تسألني وتقول: "كل هذا جميل، لكن أين وضعت العِلم؟". أقول: دعنا نأتي إلى العلم. العلم يدافع عن كيفية "عمل الطبيعة واستخدامها"، وقلما يُعجبه الجانب العاطفي والمشاعر النفسية. العلم مشغول باستخدام الآلات فلا يمكنه أن يشعر ولا أن يرتبط عاطفيا بالطبيعة. لهذا السبب قد تباطأ العلم ببساطة وأهمل الاهتمام بالوعي وبما يتجاوزه – كعلم - من حوله.

لقد قطعنا شوطا كبيرا منذ الفيلسوف رنيه ديكارت (1596 - 1650)، عاشق الرياضيات، عندما قال إن الحيوانات عبارة عن مكائن لا شعور لديها، لذا يمكن أن نعاملها كما يحلو لنا. يبدو لي أن هذا الرجل لم يربِّ قط أي حيوان في بيته، ولم يكتشف كم لدى الحيوانات ألفة وعواطف تغمر صاحبها بالفرح، لأنها تقابلنا بجميع أنواع المشاعر الجياشة. ومنذ عصر النهضة لم يعد العلم قادرا على الإجابة على بعض الأسئلة. لأنه توقف عند الأشياء ثلاثية الأبعاد فقط واستبعد من مساحة رؤيته المشاعر التي لم يتمكن من قياسها وتبويبِها، وبسبب خشونة أساليبه لم يعد يحسّ بها، إنه برأيي نوع من "الإلحاد" تجاه ما زرعه الله على طريقنا!

لقد أصبحنا أمام فيضان متلاطم من الأجهزة، جاءت بها التكنولوجيا لتضخّم أكاذيب الأبعاد الثلاثة فقط. ولم نهتم بما نشعر، وصرنا نكتفي بسهولة باستخدام الأشياء، دون اهتمام بأي شعور تجاهها. وهكذا يصل الأمر بالبعض إلى كراهية نهائية، أي إلى عدم الاكتراث بمشاعر الآخرين، حتى البشر منهم.

قالوا: "اسأل مجرب ولا تسأل حكيم"، وبهذا حجّموا قليلا من اعتمادنا على العلم والتكنولوجيا، وفتحوا فجوة تدعو إلى استخدام آخر للطبيعة، عوض الاستمرار في تدميرها، بهذا المثل يضيف "المجرب" خبرة إلى الثقافة. إنها خبرة الغريب الذي تغرّب وعاش خارج "السبل" المسلوكة، مقارنة بالذين لم يخرجوا قط من قوقعتهم، من قريتهم وعشيرتهم ومدينتهم، هؤلاء صاروا منتجين وسبب إطلاق "فيضان الكراهية" نحو كل غريب ومختلف، بل نحو كل ما في الطبيعة، فوقعوا في العجز في التعبير، يكتفون بتكرار ما تعلموه "من السلف"، وصاروا يفرضونه على أبنائهم – بلا تمحيص – واعتبروا ذلك علما أو عبادة، فقتلوا الطبيعة والناس وكل من تحدى مقاييسهم الجنونية. فعششت الكراهية في صفوفهم بشكل واضح وصار، ما يفعلون يبدو وكأنه هو المقياس الطبيعي ولا غيره، إذ لا عالم آخر خارج تصوراتهم.

الأغرب أن كل هؤلاء ومن مثلهم تصوّر أنه وصل إلى الكمال فلم يعد يريد التقدّم بل توقف عند ما سمع وعرف. والحال إن التقدم البطيء أفضل من عدم التقدم، ومن لا يتقدم يموت في كل شيء حتى في دوافعه، يفقد الثقة للاستمرار. ومن هو مثل هؤلاء لن يعرف طعم السعادة أبدًا لأنه سيفشل دائما في تقدير النعمة التي لديه بالفعل.

كركوك 21 أيار 2019










أربيل - عنكاوا

  • رقم الموقع: 07517864154
  • رقم إدارة القناة: 07504155979
  • البريد الألكتروني للإدارة:
    [email protected]
  • البريد الألكتروني الخاص بالموقع:
    [email protected]
جميع الحقوق محفوظة لقناة عشتار الفضائية © 2007 - 2025
Developed by: Bilind Hirori
تم إنشاء هذه الصفحة في 0.4885 ثانية