مقطع عرضي يوضح نجاح تقنية إعادة التشكيل الكهروميكانيكية في تسطيح قرنية أرنب من شكلها الأصلي (الخط الأبيض) إلى شكل مصحح (الخط الأصفر) - Daniel Kim and Mimi Chen
عشتارتيفي كوم- الشرق/
ابتكر باحثون أميركيون بديلاً لعملية تصحيح الإبصار باستخدام الليزك؛ يتمثل في إعادة تشكيل القرنية باستخدام تيار كهربائي ضعيف بدلاً من قطعها بالليزر وهو الإجراء الذي يخضع له مئات الآلاف سنويًا، ولا يخلو من أخطار وآثار جانبية.
وأظهرت الدراسة، التي عرضت في الاجتماع السنوي للجمعية الكيميائية الأميركية، أن هذه التقنية؛ المعروفة باسم إعادة التشكيل الكهرو-ميكانيكي، نجحت في تغيير شكل قرنيات أرانب داخل المختبر لتصحيح قصر النظر، دون الحاجة إلى أي شق جراحي أو إزالة للأنسجة.
وتعتمد تقنية الليزك المستخدمة حالياً على إعادة تشكيل القرنية، وهي الطبقة الشفافة في مقدمة العين، بهدف تصحيح طريقة انكسار الضوء ليتركز بدقة على الشبكية.
وتجرى العملية عبر استخدام أشعة ليزر دقيقة لإزالة مقادير متناهية الصغر من أنسجة القرنية، ما يغيّر من درجة انحنائها وفقًا لعيب الإبصار المراد تصحيحه، سواء كان قصر نظر أو طول نظر أو انحراف؛ المعروف باسم الاستجماتزم.
وعلى الرغم من أن عملية الليزك آمنة وشائعة، إلا أنها قد تترتب عليها بعض الآثار الجانبية التي تختلف شدتها من مريض لآخر، ويرجع معظمها إلى طبيعة الإجراء القائم على قطع وإزالة جزء من أنسجة القرنية.
ومن أبرز هذه الآثار جفاف العين، إذ تؤثر العملية على الأعصاب المسؤولة عن تحفيز إفراز الدموع، ما يقلل من ترطيب سطح العين لفترة ربما تمتد لأشهر، كما قد يواجه بعض المرضى اضطرابات في الرؤية الليلية مثل رؤية هالات أو توهج حول الأضواء، نتيجة التغير في انحناء القرنية وعدم انتظام سطحها.
وقد تظهر مشكلات مثل التصحيح الناقص أو المفرط للإبصار إذا أُزيلت كمية غير دقيقة من النسيج، ما يتطلب أحيانا إعادة التدخل؛ وهناك أيضًا خطر أقل شيوعًا يتمثل في ضعف بنية القرنية أو ترققها بسبب إزالة جزء منها، ما قد يؤدي في حالات نادرة إلى تشوه القرنية أو ضعف قدرتها على تحمل ضغط العين.
أما التقنية الجديدة فتعتمد على إعادة التشكيل الكهرو-ميكانيكي على مبدأ يختلف تمامًا عن الليزك التقليدي؛ فالقرنية، الغنية بالكولاجين والماء، تصبح قابلة للتشكيل عند تعريضها لجهد كهربائي منخفض يغير درجة الحموضة داخل النسيج، ما يؤدي إلى ارتخاء الروابط بين ألياف الكولاجين.
وخلال هذه اللحظة القصيرة من المرونة، توضع عدسة بلاتينية خاصة فوق العين تعمل كقالب للشكل المطلوب، فتتخذ القرنية انحناءها الجديد، ومع عودة تغير الحموضة إلى مستواه الطبيعي، تغلق الروابط من جديد، لتحتفظ القرنية بشكلها المعدل دون الحاجة إلى أي قطع أو إزالة للأنسجة.
وأجرى الباحثون تجارب أولية على 12 مقلة عين أرنب، ووضعوا عدسات بلاتينية مصممة لتصحيح قصر النظر فوق القرنيات داخل محلول ملحي يحاكي الدموع الطبيعية، وبعد دقيقة واحدة فقط من تطبيق جهد كهربائي منخفض، تغير انحناء القرنية ليتوافق مع شكل القالب، وفي 10 عيون جرى محاكاتها لتكون قصيرة النظر استعيدت قدرة العين على التركيز كما هو مستهدف.
وأظهرت الفحوص أن الخلايا ظلت سليمة بفضل التحكم الدقيق في التغيرات الكيميائية، كما أشارت تجارب إضافية إلى أن التقنية ربما تساعد في إزالة عتامة القرنية الناتجة عن بعض المواد الكيميائية، وهي حالة لا يُعالجها حاليًا سوى زرع قرنية كامل.
رغم النتائج المشجعة، يشدد الباحثون على أن العمل لا يزال في بداياته؛ وتتضمن المرحلة المقبلة تجارب دقيقة على أرانب حية، لتقييم الاستجابة طويلة المدى ومدى ملاءمة التقنية لتصحيح أنواع مختلفة من عيوب الإبصار مثل طول النظر والانحراف؛ الإستجماتزم.
لكن الطريق ليس ممهداً؛ فعوائق التمويل ربما تؤخر الانتقال إلى التجارب الحيوية. ومع ذلك، يرى قائد الفريق البحثي، مايكل هيل من كلية "أوكسيدنتال" في الولايات المتحدة، أن التقنية إذا وصلت للعيادات ستكون أرخص بكثير من الليزك، وأسهل تطبيقًا، وربما قابلة للعكس إذا لزم الأمر.
وبينما لا يزال الليزك هو الخيار الأكثر شيوعاً لتصحيح البصر، تقدم تقنية إعادة التشكيل الكهرو-ميكانيكي رؤية مختلفة؛ إصلاح القرنية دون جراحة، دون ليزر، وربما دون الآثار الجانبية المعروفة.
ومع أن المسار طويل قبل تطبيقها على البشر، إلا أن نتائجها الأولية تفتح الباب أمام جيل جديد من أساليب علاج تصحيح النظر الآمنة والبسيطة.