السيد جيمس حسدو هيدو يزور المجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري ( سورايا )      حريق يلتهم قصر الجنرال آغا بطرس في سان جورّي: فقدان إرث تاريخي آشوري      قداسة البطريرك مار كيوركيس الثالث يونان يفتتح قاعة الاستقبال أبغار المجددة حديثا (قاعة زمالة كاتدرائية سانت زيا) في سيدني، أستراليا      ‎قداسة البطريرك مار افرام الثاني يلقي محاضرة لشبيبة كاتدرائية السيدة العذراء ومار يعقوب النصيبيني في مونتريال      شبيبة المنظمة الآثورية الديمقراطية تشارك في برنامج الشباب في السلطة / يريفان      الراعي من فرنسا: المسيحيّة ليست أماكن شرف ولا مناصب سُلطة      المجلس الوطني المشرقي يدق ناقوس الخطر وسط تصاعد العنف الطائفي ضد المسيحيين في القصير      الفنان الكبير اشور بت سركيس يزور قناة عشتار الفضائية      حي “باب شرقي” بدمشق.. كيف عاش المسيحيون والمسلمون واليهود معًا لقرون      ‎قداسة البطريرك مار افرام الثاني يترأس صلاة المساء في كاتدرائية السيدة العذراء ومار يعقوب النصيبيني في مونتريال      توقيع اتفاق ثلاثي بين أربيل وبغداد والشركات النفطية لاستئناف تصدير نفط إقليم كوردستان      تأسيس نقابة للعاملين في مجال خدمة التوصيل بالعراق      تسجيل 3 إصابات جديدة بالحمى النزفية في الموصل      الاعترافات تتسارع.. هل يفتح العالم الطريق لقيام دولة فلسطين؟      مختبر صيني سري تحت الأرض.. تجربة لكشف أصل الكون      في كل بيت.. هذه المادة "خطيرة جدا" على صحة الأطفال      برشلونة يشدد الخناق على الريال بثلاثية في خيتافي      البابا: مَن يخدم الله يصبح متحرّرًا من المال أما مَن يخدم المال فيظل عبدًا له      منظمة هجرة: حوالي 6 آلاف شخص هاجروا من إقليم كوردستان هذا العام      أوروبا تواجه تصاعدًا مقلقًا في جرائم الكراهية ضد المسيحيين
| مشاهدات : 417 | مشاركات: 0 | 2025-09-22 15:08:33 |

وهج لا ينطفئ

كفاح الزهاوي

 

    كان الصمت يلتفّ حوله كأفعى تتربص بلحظة الانقضاض، يداهم حلمه الذي غدا نبراسًا للحرية والعدالة، ويخنق قصائد آماله قبل ان تلوح في الأفق الضبابي. لم يكن يعنيه ما يملكه من جسد أو متاع سوى أنه وسيلة للتضحية، فقد كان يحمل فكرًا متّقدًا يتنفس وجع المظلومين، ويصرخ بصمت في وجه السفاكين.

    وفي الضفة الجسدية من حياته، كانت مرارة التجربة تصارعه، ومرض الجسد يطارده كالشبح، يتسلل بين أحشائه ويعبر ممرات الدم. فقد كرّس هذا الجسد بالكامل من أجل قضية آمن بها حتى النخاع. أما الفكر، فكان هو النور الذي يقوده، والوسيلة التي بها يسعى لتحقيق الأهداف. تسلّحه بمبادئ راسخة وإيمان لا يلين مكّنه من الوقوف منتصبًا في مواجهة الأهوال، رغم ما كان ينهشه من الداخل.

    عندما أحس أن أنياب الشر تحف به، والخطر يتربص عند كل زاوية، هبَّ مسرعًا استعدادًا للرحيل قبل الوقوع في الفخ كفريسة سهلة في فم الوحوش. فكانت ساحته قمم الجبال ووديانها، وهناك وجد نفسه في صفوف الأنصار ليكمل مسيرته في وجه العاصفة.

    لم يعد العمل السياسي السري ممكنًا، فالمطاردة اشتدت. كانت القوات الأمنية تداهم البيوت بلا رحمة، تقتحمها في الليل كما لو أن الظلام نفسه صار شريكًا في المطاردة.

    بعد سنوات من تواجده في قواعد الأنصار، خضع لعملية جراحية دقيقة في ظهره، حيث كانت أكياس مائية تضغط على عموده الفقري. لم تكن الجراحة ناجحة، فانفجرت تلك الأكياس وتسببت له بعجز كامل عن الحركة من وسطه إلى الأسفل.

    لم يعد جسده يستجيب، واشتدت معاناته الداخلية كعاصفة لا تهدأ. صار طريح الفراش، شاحب الملامح، لكن في أعماقه ظلّ لهيبًا صارخًا يتّقد، تمتد ألسنته نحو العلا، متحديًا حدود الجسد.

    حين خذله الجسد، لم يتراجع العقل. وحين خفت الصوت، ظلّ الفكر يصرخ في صمت.

    دخل في غيبوبة الكفاح استمرارًا لدوره النضالي المتفاني الذي لا تواريه الرماد لتحقيق أهداف إنسانية طالما وهب حياته قربانا ليجعل منها جسرًا يمنح العابرين الشعور بالأمان نحو أهداف إنسانية طالما حلم بها.

    الضوء الخافت المتسلل من أبواب السماء كان يمنحه نبضًا للتحدي، فقد كان كائنًا شديد البأس، اعتمد في مسيرته على ما يحمله في جمجمته من وهج لا ينطفئ.

    لم يكن اليأس خصمًا قادرًا على اختراقه. كانت إرادته جدارًا من صخر، لا تهزه أعاصير البحر ولا تغرقه أمواج العزلة. ظلّ واقفًا، شامخًا، كأنما الجسد لا يعني شيئًا أمام صلابة الروح.

    كان حميد إنسانًا هادئًا، متواضعًا، خطاطًا يتقن التنظيم والتصميم، ويمنح الأشياء من حوله ترتيبًا يحمل بصمته الخاصة.

    لاحقًا وصل إلى السويد، كأنما يبحث عن هدنة لجسده المُنهك، بعد سنوات من الإهمال والمعاناة. ورغم كونه جليس الكرسي المتحرّك، فقد أدار شؤونه اليومية بنفسه، متحديًا قسوة الحياة بابتسامة لا تنكسر.

    تزوّج من امرأة رائعة، لم تتخلّ عنه يومًا، كانت له سندًا في لحظات الانطفاء، ورفيقة في أيام الضوء. لكن السعادة، كما لو أنها كانت تخشى البقاء، لم تطل كثيرًا.

    في أحد الأيام، وبينما كان حميد يجلس في كرسيه الأبدي، داهمه ألم مفاجئ، كأن الجسد قرر أن يُعلن استسلامه الأخير. كان يناهز الثانية والخمسين من عمره حين اقتيد إلى المستشفى، عمرٌ لا يُعدّ متقدمًا، لكنه كان كافيًا ليكتب النهاية. أُجريت له العلاجات، لكنه ظلّ مستلقيًا في ردهته الخاصة، يراقب الضوء وهو يتسلل من النافذة كعادته.

    حين نادى الممرضة كي ترافقه لقضاء حاجته، بدا كل شيء عاديًا. لكن الوقت مرّ، ولم يخرج.

   فتحت الباب، فوجدت الصمت قد احتضنه إلى الأبد. رحل حميد، تاركًا وراءه نافذةً لا تزال تسرّب الضوء، وكرسيًا لم ينسَ جلسته الأخيرة.










أربيل - عنكاوا

  • رقم الموقع: 07517864154
  • رقم إدارة القناة: 07504155979
  • البريد الألكتروني للإدارة:
    [email protected]
  • البريد الألكتروني الخاص بالموقع:
    [email protected]
جميع الحقوق محفوظة لقناة عشتار الفضائية © 2007 - 2025
Developed by: Bilind Hirori
تم إنشاء هذه الصفحة في 0.5210 ثانية