يوم الأربعاء، أبلغ فلاديمير فورونكوف، كبير مسؤولي مكافحة الإرهاب في الأمم المتحدة، مجلس الأمن أن تنظيم داعش "لايزال متقلباً ومعقداً"، ويواصل التكيف حتى مع ملاحقة مقاتليه في العراق وسوريا.

 

في العام الماضي، قدّر مسؤولو الأمم المتحدة عدد مقاتلي داعش بنحو 12.000 مقاتل منتشرين في أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا، غالبيتهم (حوالي 6.000) في أفغانستان، وما يقرب من 3.000 منهم في العراق وسوريا.

 

ويقول المسؤولون الآن إن تنظيم داعش بدأ بإدماج الذكاء الاصطناعي في ترسانته، ليس في ساحة المعركة، ولكن عبر الإنترنت.

 

 

في الأشهر الأخيرة، لاحظ الخبراء أن تنظيم داعش استخدم مقاطع فيديو تظهر مذيعي أخبار تم إنشاؤهم بواسطة الذكاء الاصطناعي، ومنتجة بإتقان باللغة الإنكليزية ولغات أخرى، في حملة دعائية متطورة لتجنيد المزيد من الأتباع في الغرب.

 

أحد المقاطع، الذي نُشر بعد أيام من تفجير قاعة الحفلات الموسيقية في موسكو الذي أودى بحياة 145 شخصاً على الأقل العام الماضي، أظهر مذيعاً مُصطَنعاً يمتدح الهجوم بهدوء.

 

وفي مقطع فيديو آخر، أنتجه فرع داعش في أفغانستان، ظهر مذيع رقمي يتحدث لغة الباشتو ويشبه مذيع أخبار محلي.

 

وما يثير القلق بنفس القدر، كما يقول الباحثون، هو كيف تمكن أنصار داعش من نشر أناشيد مدبلجة بالذكاء الاصطناعي تقلد أصوات شخصيات كرتونية مثل "سبونج بوب سكوير بانتس" و"بيتر غريفين" من مسلسل "فاميلي غاي"، وهي مصممة بوضوح للجيل الأصغر سناً، خاصة أولئك الذين ولدوا بعد هجمات 11 أيلول. وقد حصدت بعض هذه المقاطع مئات الآلاف من المشاهدات على وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات المراسلة قبل إزالتها.

 

حذر كولين بي. كلارك، مدير الأبحاث في مركز صوفان، من أن استخدام التنظيم للذكاء الاصطناعي لا يزال بدائياً.

 

وقال لشبكة رووداو الإعلامية: "في الوقت الحالي، لايزال استخدام تنظيم داعش للذكاء الاصطناعي في مراحله الأولى. لا يوجد سبب كبير للقلق في الوقت الحالي"، مستدركاً أن تنظيم داعش أثبت قدرته على التكيف.

 

وأوضح كلارك: "هذا تنظيم يتمتع بقدرة عالية على التكيف. لقد رأيناه يتطور على مر السنين ويتقن تكتيكات وأساليب وإجراءات مختلفة". 

 

وأشار إلى تحذيرات من خبراء مثل آدم هادلي من منظمة "التكنولوجيا ضد الإرهاب"، الذي وصف خطر "الذكاء الاصطناعي الوكيلي" (agentic AI) - وهي أنظمة قادرة على تشغيل عشرات الآلاف من الروبوتات في وقت واحد - بأنه خطر وشيك.

 

 

يحذر مسؤولو الأمم المتحدة من أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد داعش على توسيع نطاق التجنيد بطرق لم تكن ممكنة من قبل. 

 

وقالت ناتاليا غيرمان، رئيسة المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب التابعة للأمم المتحدة، للمجلس إن "استخدام داعش للذكاء الاصطناعي ووسائل التواصل الاجتماعي للتجنيد وجمع الأموال والدعاية يتطلب استجابات مبتكرة".

 

ويخشى المحللون أن تتمكن روبوتات الدردشة  (Chatbots)، التي تم تدريبها على الرسائل المتطرفة، من محاكاة المحادثات مع المجندين المحتملين، حيث تلتقي بالشباب في المنتديات عبر الإنترنت، وتعكس اهتماماتهم، وتدفعهم تدريجياً نحو الأيديولوجية العنيفة.

 

ويبدو أن الحكومات وشركات التكنولوجيا تكافح لمواكبة هذا التطور. وتحث الأمم المتحدة الدول على نشر الذكاء الاصطناعي لأغراض دفاعية، للمساعدة في اكتشاف المحتوى المتطرف وتعطيله قبل انتشاره.

 

وتقول منظمة "التكنولوجيا ضد الإرهاب" إنها قامت بالفعل بأرشفة عشرات الآلاف من الصور التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي ومرتبطة بمتطرفين، وتعمل مع شركة مايكروسوفت لبناء أدوات لتحديد هذه المواد وإزالتها على نطاق واسع.

 

ومع ذلك، فإن سرعة التغير التكنولوجي - واستعداد داعش لتبنيه - تعني أن التهديد من المرجح أن ينمو. 

 

وقالت غيرمان: "نقف عند مفترق طرق بين التحول التكنولوجي وعدم اليقين الجيوسياسي"، محذرة من مشهد إرهابي "أكثر انتشاراً وتعقيداً".