عشتار تيفي كوم - كوردستان24/
يدق سد بوكان الاستراتيجي في إيران ناقوس الخطر، مع انخفاض منسوب المياه فيه إلى مستويات غير مسبوقة منذ أكثر من أربعة عقود، مما ينذر بأزمة مياه كارثية تهدد حياة الملايين من السكان في ثلاث محافظات إيرانية كبرى، وتمتد تداعياتها الخطيرة لتصل إلى مدن ومناطق واسعة في العراق.
أرقام تكشف حجم الكارثة
تظهر الأرقام الرسمية مدى خطورة الموقف. فالسد الذي تبلغ طاقته الاستيعابية القصوى حوالي 900 مليون متر مكعب، لا يحتوي اليوم سوى على 180 مليون متر مكعب. والأخطر من ذلك، أن الكمية الصالحة للاستخدام الفعلي لا تتجاوز 80 مليون متر مكعب، وهو ما دفع محافظ تبريز إلى التحذير من أن مخزون المياه المتبقي لن يكفي المدينة سوى لـ 75 يومًا قادمة إذا استمر الوضع على حاله.
أسباب مركبة وراء الأزمة
يعزو الخبراء والمراقبون هذا التدهور الحاد إلى مزيج من العوامل الطبيعية والبشرية. فمن ناحية، أدت موجات الجفاف المتتالية وتأثيرات التغير المناخي إلى انخفاض حاد في معدلات هطول الأمطار ومستويات تغذية السد. ومن ناحية أخرى، يتهم سكان محليون ومزارعون السياسات المائية الإيرانية بأنها السبب الرئيسي، مشيرين إلى أن تحويل كميات هائلة من مياه السد لتغذية مدينة تبريز، بالإضافة إلى بناء سدود أخرى على نهر الزاب الصغير الذي يصب في السد، قد ساهما في تجفيفه بشكل متسارع.
أصوات من الميدان.. غضب وقلق
على الأرض، يسود القلق والغضب بين المزارعين وسكان القرى المحيطة بالسد. ويؤكد العديد منهم أنهم لم يشهدوا مثل هذا الجفاف منذ إنشاء السد عام 1979. وقد أدى انخفاض منسوب المياه إلى نفوق كميات كبيرة من الأسماك، وبوار مساحات زراعية واسعة كانت تعتمد على مياه السد بشكل كامل، مما يهدد مصدر رزق آلاف العائلات.
تداعيات عابرة للحدود
لا تقتصر تداعيات أزمة سد بوكان على الداخل الإيراني. فنهر الزاب الصغير، الذي يغذيه السد، هو أحد الروافد الرئيسية لنهر دجلة في العراق، والمغذي الأساسي لسد دوكان في محافظة السليمانية. وقد أكد مدير سد دوكان، كوجر جمال، أن خزين السد في العراق وصل هو الآخر إلى أدنى مستوى له منذ 20 عامًا، حيث لا يتجاوز 24% من طاقته الاستيعابية، مما يفرض إجراءات تقنين صارمة للمياه في محافظتي السليمانية وكركوك.
مستقبل غامض
في ظل غياب حلول جذرية لمعالجة أسباب الأزمة، سواء المتعلقة بالتغير المناخي أو بالسياسات المائية، يبقى مستقبل ملايين السكان على جانبي الحدود الإيرانية-العراقية مرهونًا بما تبقى من قطرات في حوض سد بوكان، الذي تحول من شريان للحياة إلى رمز لأزمة وجودية تلوح في الأفق.