بطء المشي يرتبط بجملة مؤشرات سلبية، من بينها العجز الحركي والتراجع الإدراكي (موقع بيكسلز)
عشتارتيفي كوم- اندبندنت/
قد لا يخطر ببالنا أن خطواتنا اليومية وسرعتها تحملان أسرار عقولنا، لكن العلم يثبت يوماً بعد آخر أن سرعة المشي ليست مجرد عادة، بل إنها مؤشر على عمر الدماغ، فحين تمشي بخفة وسرعة، ربما لا تعلن فقط عن لياقتك الجسدية، بل أيضاً عن شبابك العقلي.
كثيراً ما يقال إن الجسد يعكس الحال النفسية والعقلية، لكن الأبحاث الحديثة بدأت تذهب أبعد من ذلك لتربط بين سرعة المشي والعمر العقلي.
وفي السياق تكشف دراسات بريطانية وأميركية أجريت خلال الأعوام الأخيرة عن أن الأشخاص الذين يسيرون بسرعة معتدلة إلى عالية في منتصف العمر يتمتعون عادة بقدرات إدراكية أفضل، ويشيخ دماغهم على نحو أبطأ مقارنة بمن يسيرون ببطء.
وأكثر من ذلك، تكشف هذه الدراسات عن أن سرعة المشي ترتبط مباشرة بصحة المادة الرمادية والبيضاء في الدماغ، فيما أظهر من يسير بصورة بطيئة علامات شيخوخة دماغية أسرع، حتى إن كان أصغر سناً جسدياً.
بطء المشي يرتبط بجملة مؤشرات سلبية
إن أردنا أن نفصل ما بين العمر الجسدي والعمر العقلي، فنجد أن الأول هو ما تخبرك به شهادة ميلادك، أما الثاني فهو ما تعكسه وظائف دماغك وقدرتك على التذكر والتعلم واتخاذ القرارات. وما قد لا تدركه غالبية البشر أن سرعة مشينا تكشف كثيراً عن عمرنا العقلي إلى حد أن بعض الخبراء وصل إلى خلاصة مفادها بأن تصبح سرعة المشي أداة بسيطة ورخيصة للكشف المبكر عن مشكلات عقلية أو عصبية.
هنا تكشف المكتبة الوطنية للطب في الولايات المتحدة ضمن دراسة تعود لعام 2020، عن أن بطء المشي يرتبط بجملة مؤشرات سلبية، من بينها العجز الحركي والتراجع الإدراكي والوفاة والسقوط، إضافة إلى تراجع سلامة الدماغ لدى كبار السن.
والمشي السريع قد يكون مؤشراً على دماغ أكثر شباباً ولياقة عقلية أفضل.
ولكن كيف نفسر هذا الارتباط؟ الأمر بسيط وفق العلماء باعتبار أن المشي هو عملية يتحكم بها الدماغ عبر التنسيق بين العضلات والأعصاب والتوازن، والدماغ السليم يرسل أوامر أسرع وأكثر دقة، مما ينعكس على سرعة الخطوات، إضافة إلى ذلك، فإن النشاط البدني يحسن تدفق الدم إلى المخ، مما يحافظ على شبابه.
ما علاقة اختبارات الذكاء بسرعة المشي؟
وأكثر من ذلك، تؤكد دراسة أعدتها جامعة "ديوك" في ولاية كارولاينا الشمالية أن الأشخاص الذين يمشون ببطء كانوا أكثر ميلاً إلى الحصول على درجات أقل في اختبارات الذكاء بصورة عامة، وأداء أسوأ في اختبارات الذاكرة وسرعة المعالجة والتفكير المنطقي وغيرها من الوظائف الإدراكية. كما أن وجوه الأشخاص الذين يمشون ببطء صنفت على أنها تشيخ بمعدل أسرع من المشاركين الآخرين.
وتضيف الدراسة نفسها أن الأشخاص الأبطأ مشياً يعانون "تسارع الشيخوخة" وفق مقياس من 19 مؤشراً وضعه الباحثون، كما أن رئاتهم وأسنانهم وأجهزتهم المناعية كانت في حال أسوأ مقارنة بمن يمشون بسرعة أكبر.
وتستند المعلومات إلى دراسة طويلة الأمد شملت نحو 1000 شخص ولدوا جميعاً في عام واحد في مدينة دنيِدين في نيوزيلندا. أما المشاركون الـ904 في الدراسة الحالية، فخضعوا للاختبارات والمقاييس طوال حياتهم، وآخرها بين أبريل (نيسان) عام 2017 وأبريل 2019 حين بلغوا عمر 45 سنة.
كما أظهرت فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي خلال التقييم الأخير أن المشاة الأبطأ كانوا يميلون إلى امتلاك حجم دماغ إجمالي أقل ومتوسط سمك قشري أدنى ومساحة سطح دماغية أقل، إضافة إلى معدل أعلى من "الفرط الكثافة في المادة البيضاء"، وهي آفات صغيرة مرتبطة بأمراض الأوعية الدموية الدقيقة في الدماغ. وباختصار، بدت أدمغتهم أقدم عمراً.
وبلغة الأرقام، وجد باحثون من جامعة "بيتسبرغ" أن الرجال الذين يسيرون ببطء في عمر 75 سنة كانت لديهم فرصة 19 في المئة للعيش 10 أعوام إضافية، مقابل 87 في المئة لمن كانوا أسرع مشياً.
حتى بين الأصحاء، وجدت دراسة أعدتها "المجلة الطبية البريطانية" أن الأشخاص المسنين الذين يسيرون ببطء كانوا أكثر عرضة بثلاث مرات للوفاة بأمراض القلب مقارنة بمن يمشون بسرعة.
وبعد كل هذه المعلومات، هل لا تزالون مترددين بالاهتمام بلياقتكم البدنية وممارسة الرياضة ومعها صحتكم الإدراكية؟